زهرة النرجس تتجول في شوارع المدينة …. بقلم الكاتبة هتاف عريقات…وكالة الراي العربي.

زهرة النرجس
تتجول في شوارع المدينة .. وصلت الي شاطئ البحر، فى ليلة من ليالى الشتاء الدافئة ..جلست علي صخرة وهي ترتدي معطفا وقبعة صوفية، وسط هدير الأمواج غرقت هى فى بحر ذكرياتها طامحة الوصول إلى أجمل ذكريات، إلى ذلك الحبيب الذى كان أول من شيد لها صومعة الذكريات، لبنة لبنة.. عشقت حياتها لأنها ارتبطت به، كانت مولعة بلقائه والاستماع إلى ألحان قلبه النابض بحبها، تجسد لها مبتسما مع بعض ذكرياتها الجميلة والأحلام المأمولة، رسم على وجهها ابتسامة أعادت إليها الحياة مرة أخرى، شعرت بأن ذكرياتها السعيدة تحضنها لتحميها من أمواج الشتاء على الشاطيء، جعلها تنسى مكانها القريب من الماء، قامت كأنها تريد أن تقطف بعض الثمرات المتطايرة أمامها من شفيف الذكريات، طرقت أقدامها أمواجا حين مشت على الشاطيء كأنها تطارف فراشة، ذكرتها الأمواج بتلك الليلة التى وقع فيها فنجان القهوة فى الحانة على بنطاله، حين كانا يجلسان سويا يتبادلان حروف العشق، دخل الحانة رجلا كانت الأقدار جمعت بينها فى خطبة تم فسخها لأنه لم يكن قادرا على تكاليف الزواج بعد مرور ما يقرب من العام، كانا قد خط سويا بعض الأمال، نظرات وجهها حين رأته داخلا الحانة، أشعلت غيرة حبيبها الجالس معها فانتفض ليقع فنجان القهوة يبلل ملابسه، سار قطار الذكريات إلى محطة الآلام، جعلها فى حالة يرثى لها، وتلاعبت الأفكار في رأسها مثلما يتلاعب البحر الهائج بقارب مزقت الرياح شراعه ودمرت الأمواج مجاذيفه، فثارت وغمرت عيناها الدموع، من سرعه نبضات قلبها، على كل حكاياتها التى لا يكتب لها البقاء، صرخت بصوت عال تجهش بالبكاء، تلوم به القدر تارة ونفسها تارة أخرى، صمتت قليلا، تنفست الصعداء، كأنها تلقي حملا ثقيلا عن عاتقها بعدما تلمعت عيناها بضوء القمر الساحر فى ليالى الشتاء، أمعنت النظر إليه كعادتها، فهو صديقها الوحيد الأن، استمعت إلى وشوشاته، كفى نرجسية .. حالة التحدى داخلها أعادت لها الإرادة وقوة شخصيتها مرة أخري، تنهدت بصوت تعانقه كأبة، وقالت لنفسها وهي تنظر إلى أمواج البحر العالية بعمق:
هل هذا قدر؟؟
هل يأتي يوما يعيد للروح حلمها بأمل اللقاء ويعيد فرحة نور النهار إلي قلبها وطمأنينة الليل، عادت من جديد تلك الإحلام بذكرياتها وفي أعماق نفسها، حنين واشتياق، تألمت كثيرا، عاقبت نفسها كثيرا، وغرقت فى بحر من اللوم لأنها سلمت روحها، لدنيا لم تستطع تقدير قيمتها الحقيقية، فقط اكتفت بإحساس كان يسيطر عليها وبمظاهر خارجية …بما يعرفها …لكن للأسف الصمت الآن أفضل من الثرثار بعد التساهل، لأنها جعلته ينمو بالروح والجسد وفي أعماق قلبها.. من كلمات سحر أو صورة رسمتها في ذهنها له، لكن حنين الروح، رسم صورته فى ذاكرتها، جعلها لا تستطيع نسيانه رغم حالة الشيخوخة التى أضعفت ذاكرتها .. فاكتفت بأن تبحث فى ذاتها عن من هى…..
هتاف عريقات…