أخر المستجدات
الرئيسية » مقالات » شتات – بقلم -خالد يوسف أبو طماعه

شتات – بقلم -خالد يوسف أبو طماعه

شتات – بقلم -خالد يوسف أبو طماعه

ها أن أتجول في محيط الذاكرة، أحاول لملمة الأشياء الضائعة، أمعن النظر في التفاصيل الممزقة، محاولا رسم صورته من جديد، يؤرقني التعب والهذيان، الذاكرة عجوز لا عمر لها.
ها هو يعود من جديد، يحمل معه كل تفاصيل الحكاية، إسماعيل الضجر، هو حكاية البؤس التي يقتاتها الفقراء، قصة المعلمين الذين يكسوا ملامحهم القهر، ورواية الساسة الغائبين عن واقعهم المأزوم.
ها هو يعيد شتاته، ينثر كل الأشياء أمامه، يستعيد كل التفاصيل المبعثرة، يبكي، يضحك، ترتسم الحكاية في تجاعيد وجهه المشنوق.
من أنت..
يجيبني بقرف وهو يرطن بحروف أعجمية ” ” I am a man of defeats أضحك ملء الفضاء وأعود أبكي نفسي وإياه .
سيشرح الحكاية باقتضاب، لن يسهب في التفاصيل، لأنها تضعف المتن وتُرّهل المضمون.
هي حكاية كل من رآهم، وحكاية أبيه هي الأساس لكل الحكايات، يتجول في المكان، كل شيء فيه أبيض اللون، الأسرة، الشراشف، المرضى، الأطباء، حتى الموت لونه كذلك.
لا يعلم والده بما أصابه وأن كل ما بداخله قد تمزق، تآكل ولم يبق غير وجهه الحزين، كل ما يعرفه أن جميع من يشرف عليهم طبيبه يرحلون وهم في أوج فصاحتهم، وهم يتكلمون عن أحلامهم المبتورة.
قرأ الحزن في عينيه، تتجول نظراته أرجاء المكان، ويقول دون أن يبوح بشيء، أنا لا أخشى الموت، يتذكر بكاءه المرير على يوسف، عندما علم بموته قال، لا خير في حياة نهايتها الموت، رأى في وجهه كل التفاصيل الغائبة، يئن بصوت مبحوح، رأى الموت يحيط به من كل اتجاه، شهق شهقة ورحل دون ضجيج، مات عاشق هاجر.
هي أيضا حكاية وهزيمة تضاف إلى هزائمه، قتلته بصدودها وشرودها عنه، تحاول إخفاء الموج الهادر بداخلها، لماذا يقول هذا الآن، هي الذاكرة التي تفضح كل شيء فينا، تعرينا وتظهر صورتنا الحقيقية، الذاكرة وحل لا قرار لها.
يتأوه، يبلع دموعه، يزفر بقوة، تخرج الكلمات مبعثرة من شفتيه، الموت هو اللغة الوحيدة التي لا ولم ولن نفهمها إلاّ ساعة الرحيل.
تركنا المكان تعيث فيه الذكريات البائسة، ويعربد فيه الحزن، تُختزل فيه كل الحكايات المبعثرة، مضينا نجتر هزائمنا ونمضغ القهر ونتقيأ مرارة السنين.
خالد يوسف أبو طماعه
2 / 2 / 2013 م

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.