أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » فتاوي الساسة.. وأسواق النخاسة

فتاوي الساسة.. وأسواق النخاسة

عجيب أمر هؤلاء الساسة الذين امتهنوا النباح واللهث وراء كل قافلة تنمية، أو مبادرة أحدثت لتنقية وتطهير ما خلفوه من عفن وفساد. هؤلاء الذين فشلوا في أداء مهامهم الحكومية والسياسية. وأرغموا ملك البلاد على التدخل من أجل تغطية فشلهم وقصورهم. وإصلاح ما أفسدوه..  قرر بعضهم حمل شعار (إنا عكسنا). من أجل إفشال كل المخططات والبرامج الملكية. بل إن هناك من (ثاب فجأة) بعد فترة فراغ و عطالة مهنية وسياسية، وارتدى جلباب الفقيه المفتي. خرج يحدث رواد صفحته الرسمية على (الفايس.. بوك)، عن الحلال والحرام.. وكأنه يحثهم على رفض مبادرة اقتصادية طموحة وجادة، لمحاربة عطالة الشباب التي تسبب هو ورفاقه في ارتفاع نسبتها… حاول تسويق أوهامه المتأخرة،  أملا في أن تلقى تجاوبا ودعما من قبل أشباهه من منظمي سوق النخاسة. الذين انتشروا كالذباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي الرقمي… يسعون إلى عرقلة مسار المبادرة الملكية المتمثلة في فتح المجال للشباب من أجل إحداث مقاولات مهنية، وذلك بالاستعانة بقروض بنكية بفوائد جد منخفضة.علما أن هذا الفقيه (برتب خبير ومحلل و وزير سابق)، ضل طيلة مساره المهني والحزبي، مصباحا و خبيرا ومحللا ومثمنا لعمل وتدبير الحكومة، وكذا لعدة مؤسسات مالية دولية، أنهكت وأفلست جيوب زبائنها من أشخاص ذاتيين ومعنويين. وتسببت في تدهور اقتصاد عدة دول، وبسطت هيمنتها الاقتصادية والسياسية، وحولتها إلى مستعمرات.

لا أدري كيف يمكن لسياسيين فاشلين مبعدين أو مطرودين أن يجدوا الشجاعة وال(الكمارة القاصحة والجبهة)، للعودة عبر منصات التواصل الرقمي أو عبر دكاكينهم السياسية المفلسة سياسيا، للخوض في مناقشة أزمات وقضايا هم من تسببوا في اندلاعها بتواطئهم و تهاونهم و قصورهم الفكري والمهني. لا يجدون أدنى حرجا وهم ينددون ويحتجون ويطالبون بالتسوية والإنصاف. أزمات ناجمة عن سوء تدبير وتسيير وإخلاص منهم.. كان بالإمكان أن يساهموا في تسويتها فترات تواجدهم الرسمي في قمم أهرامات المسؤولية.

لا أدري كيف لمسؤولين سابقين ضلوا طيلة فترات عملهم يخططون ويبرمجون لدنياهم، بعيدا عن مصالح عامة الناس. ركبوا كل الأمواج والتيارات الدينية والسياسية والعلمانية ..من أجل قضاء مصالحهم الشخصية.. كيف يمكنهم مجرد التفكير في تغليط الشعب ومحاولة انتحال صفات المصلح والخلوق ورجل الدين و.. ما يحز في النفس أن تجد مسؤولين سبق ودسوا رؤوسهم لعدة عقود بين رؤوس الفساد والاستبداد. وانشغلوا بتقسيم الكعكات. مسؤولين كانت فترات توليهم المسؤولية، بدون رصيد مادي ولا معنوي للبلاد.. يبادرون إلى الانتقاد والتنديد ولعب أدوار تزيد من إذلالهم. لا يحق لهم أن يعطوا الدروس والمواعظ. لأنهم يفتقدون لصفة القدوة، ولن يكونوا أبدا داعمين ولا مساهمين في صناعة المسؤول والقائد الرائد. مثل هؤلاء هم من أوقفوا حال البلاد، وحرموا شبابها من تولي القيادة والريادة. حولوا شبيبات الأحزاب السياسية إلى مستودع وسوق للنخاسة. حيث الشباب الواعد لا يجد أدنى فرصة للإبداع والتموقع والتمركز السياسي، إلا إذا قبل بالرضوخ والخنوع والطاعة. شبيبات حزبية، تعتبر مقابر للكفاءات والكوادر. شبابها يمتلك كل المقومات التعليمية والتربوية والثقافية والسياسية و… لكنه يضل مهملا ومهمشا من طرف القيادات التي تنتقي من يمتلك صفات (التملق من أجل التألق).  وهذا ما أفرغ الأحزاب وجعلها تبدر ملايير الدراهم بدون أدنى احتضان أو استقطاب للكفاءات الرائدة في البلاد.

حبذا لو حدثنا أستاذ الاقتصاد عن سبب مجاراته وخضوعه وخنوعه بكل قرارات ومبادرات وإجراءات المؤسسات المالية الدولية التي عمل بها خبيرا اقتصاديا ومحللا. وعن جوهر فتاويه الدينية التي برزت فجأة، بعد إبعاده من الحكومة. حبذا لو شرح لنا كيف كان يتلقى أجوره الشهرية وتعويضاته المالية من عمله مع القطاعات الحكومية، ولدى المؤسسات المالية الدولية. وكيف كان ولازال يقبل بكل القوانين والإجراءات البنكية التي تمارس عليه. وكيف قبل العمل كخبير بالبنك الدولي، و صندوق النقد الدولي.. أكبر مصاصي ثروات الشعوب ودماءهم. وكيف كان يدبر أموره المالية والإدارية كمحلل اقتصادي لدى عدة شركات بترولية وغازية ؟؟. وما رأي الدين الإسلامي في  تلك المؤسسات المالية التي اشتغل بها  ليس موظفا عاديا بل خبيرا ومحللا، والتي تمارس كل أنواع الربا من (ربا الديون إلى ربا البيوع إلى ربا الفضل إلى ربا النسيئة..)؟؟.

حبذا لو شرح لنا لماذا أخرس لسانه الديني وأطلق العنان للسانه السياسي والاقتصادي فيما يخص الحديث عن أكذوبة البنوك الإسلامية التي لا فرق بينها وبين باقي المؤسسات البنكية. بنوك لم تأت بجديد ماعدا غطاءها الخارجي أو ما بات يعرف بالجلباب والنقاب المالي الديني؟. ولماذا سكت خبير المصباح عندما صادقت الحكومة التي يرأسها حزبه على قانون بنك المغرب، المحدد لأسعار فوائد الأبناك، ولماذا التزم الصمت عندما لجأت الحكومة إلى الاقتراض. كما لجأت سابقاتها. حتى بات المغرب من الدول الغارقة في الديون بسبب مخططات الحكومات الفاشلة ؟؟ ..

لست خبيرا ولا وزيرا ولم أرق بعد حتى إلى رتبة غفير في السياسة والاقتصاد. لكنني لن أقبل بفتاوي دينية، تشهر من قبيل سياسي نصب نسفه فقيها ومفتيا في الوقت الضائع من حياته، لأغراض سياسية. ولن أقبل بفتاوي دينية سواء كانت (معا أو ضد)، يعلنها فقهاء الدين، في موضوع قديم. كان بالإمكان الفصل فيه قبل عدة عقود أو قرون. لست مع الريسوني  ولا مع الكتاني، ولا مع أي كان، أقحم نفسه عن علم أو جهل بجدل الحلال أو الحرام  في التعامل مع الأبناك وفوائدها. ببساطة لأنه جدلا مصطنع وعقيم. هدفه إجهاض المبادرة الملكية التي أرغمت المؤسسات المالية المغربية على التخفيض من قيمة تلك الفوائد التي تثقل كاهل الشباب، وتحويلها إلى ما يشبه القرض المجاني. لتمكين الشباب العاطل من فرص إحداث مقاولات مهنية.  موضوع فوائد وتعاملات الأبناك يلقي بكل ثقله على كل حركة اقتصادية وطنيا ودوليا، فهل كان الخبير والمحلل الاقتصادي ومعه الفقيهين، يرقدون في سبات عميق في كهف من الكهوف المظلمة، قبل أن يستفيقوا مع بروز المبادرة الملكية. أم أن للأمر علاقة بهوس لفت الأنظار والابتزاز السياسي والديني؟.

  شخصيا لم أجد بعد من يقنعني بالأدلة والحجج القرآنية والسنية، بأن التعامل مع الأبناك هو ربا. فالأموال المودعة لدى الأبناك، ليست راكدة. بل يتم ترويجها من أجل حصد الأرباح، وللزبون صاحب المال الحق في قسط من تلك الأرباح. والزبون الذي يستدين من البنك، أموالا، يفترض أنه يستغلها في تجارة أو خدمة ما. ويفترض أن يؤدي عنها قسطا من الأرباح أو مقابل للمؤسسة البنكية التي منحته القرض.. شريطة أن تكون تلك الأرباح مقننة حتى لا تتحول إلى مال زائد يدخل في خانة الربا… فحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان بعض تجار القوافل التجارية، يتاجرون بسلع وبضائع غيرهم ممن استأمنوهم. ويعودون إليهم بنصيبهم من الأرباح. وحتى في تعاملاتنا الحالية، يمكن تصنيف من يبنون أو يشترون الشقق والمنازل لرهنها أو كراءها والانتفاع بمداخيلها مدى حياتهم، نموذجا شبيها بأنشطة الأبناك. وكذا من يتقاضون الأموال الطائلة لقضاء أعمال خدماتية لمواطنين كتب عليهم جهلها.

كفاكم تمييعا للسياسة والدين.. فقد أغرقتم البلاد بأسواق الخناسة..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.