أخر المستجدات
الرئيسية » آراء حرة » هاشم عقيل – هل يوجد حل وسط للقضية الفلسطينية ؟

هاشم عقيل – هل يوجد حل وسط للقضية الفلسطينية ؟

هل يوجد حل وسط للقضية الفلسطينية ؟
اتجهت فتح منذ 1974 لتبني خيار إقامة ‘‘دولتين لشعبين‘‘، وهذا هو نهج التسوية الحالية ، فقد تخلت الحركة الفدائية الفلسطينية عن مبداء تحرير كامل التراب الوطني .ولكن هل هذا الخيار قايلا للتطبيق ؟ وهل هناك ‘‘حل وسطللقضية الفلسطينية في الظروف الحالية للمنطقة ؟الجواب هو ….لا .
إن الحل الوسط – أو بمعنى آخر الحل البرجوازي – للقضية الفلسطينية لن يقوم إلا بدولة فلسطينية مستقلة في غزة والضفة وعاصمتها القدس الشرقية ، ولكن ذلك من المستحيل تحقيقه . إن إسرائيل لن تستطيع التنازل عن القدس التي تمثل إحدى الأركان الأساسية لخرافات مشروعها الصهيوني ، وستبقى القدس الغربية والشرقية المحتلة تحت السيادة الصهيونية ، وسيكون على الفلسطينيين الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل ، وفي أفضل الأحوال قد تأخذ السلطة الحق في الاشراف المدني على المقدسات الإسلامية وبعض الأحياء العربية . وستوسع حدود القدس لتضم قرى فلسطينية مجاورة ، وسيكون بإمكان السلطة الفلسطينية الإعلان عن إحدى هذه القرى كعاصمتها البديلة، ومن المرشح أن تكون تلك القرية هي ابو ديس .
أما الدولة الفلسطينية التي ستنشأ فلن تكون دولة ذات سيادة حقيقية ، فأي اتفاق للتسوية سفرض التعايش بين 300 الف مستوطن يسيطرون على 50%من أراضي الضفة الغربية والقدس وبين مليون فلسطيني سيكون عليهم الاكتفاء بما تبقى من الأرض والرضوخ لسلطة فلسطينية تابعة للدولة الصهيونية . وستسيطر الدولة الصهيونية على الحدود الخارجية للدولة الفلسطينية المستقبلية ، وعلى المعابر بين غزة والضفة الغربية . وفي ظل المحاصرة الإسرائيلية التي تسمح بنمو اقتصاد فلسطيني قوي سيعتمد اقتصاد الدولة الفلسطينية بالأساس على تصدير العمالة غير الماهرة إلى إسرائيل واستيراد المنتجات الإسرائيلية . كما أن سيطرة إسرائيل على الحدود معناها بقاء السيادة العليا على المناطق الفلسطينية بيدها وفي هذا الوضع ستبقى للسلطة الفلسطينية صلاحيات مدنية فحسب تتعلق بإدارة الشئون المدنية للمواطنين الفلسطينيين ، دون أن تكون لها صلاحية اتخاذ قرارات مناقضة للمصالح الأمنية والاقتصادية الإسرائيلية . وتماشيا مع هذا الوضع ستلجأ السلطة الفلسطينية لأحكام سيطرتها على الجماهير الفلسطينية عن طريق قمع سافر للحريات من جهة وشراء الولاء من جهة آخرى ( وهذا بالفعل ما تقوم به السلطة منذ دخولها غزة)ورغم حديث حكومو باراك عن ضرورة الفصل بين الشعبين ، فالواقع سيكون مغايرا تماما ، إذ أن مساحات شاسعة من المناطق الفلسطينية بيد إسرائيل ، وستكون أرزاق العمال الفلسطينيين رهينة للمشاريع الإسرائيلية . في هذا الواقع الذي تخلقه التسوية ، يتواجد الفلسطينيون والإسرائيليون في كيانين منفردين ، ولكن تحت سيادة عليا واحدة – إسرائيلية ، ويتمتع في ظلها الإسرائيليون بكامل الحقوق السياسية ، ويفتقد الفلسطينيون أبسط الحقوق الوطنية . ( )
بالإضافة إلى ما سبق ستكون الدولة الفلسطينية المستقلة منزوعة السلاح ، وأن يكون من صلاحيتها توقيع اتفاقات عسكرية مع دول معادية لإسرائيل ، وعليه التوصل لترتيبات أمنية – لإدارة سياستها الداخلية والخارجية – مع إسرائيل ، بحيث ان يكون في مقدرتها تشكيل تهديد عسكري من أي نوع للدولة الصهيونية . في ظل هذا الواقع – الذي لا علاقة له بمدى براعة ‘‘المفاوض‘‘ الفلسطيني أو إخفاقة – يصبح مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة فارغا من مضمونه ، ويصبح مفهوم ‘‘الارض المتحررة‘‘ التي ستكون قاعدة لاستكمال الثورة الفلسطينية ضربا من الوهم فما نتحدث عنه هنا هو ‘‘محمية‘‘ إسرائيلية ،أو قمر فلسطيني صغير يدور في فلك الكوكب الإسرائيلي.
وأخطرشىء سينتج عن أي ‘‘حل وسط‘‘للقضية الفلسطينية هو التفريط اللامحال حدوثه في حق عودة لاجئي 1948 المتكدسين في مخيمات لبنان والأردن وسوريا والبالغ عددهم 3.7 مليون شخص .( ) لن تسمح إسرائيل بأي حال من الأحوال بعودة هولاء اللاجئين لمنازلهم في مناطق 1948 أو يتم استيعابهم في الاراضي المحتلة . وفي أفضل الأحوال قد تسمح إسرائيل بعودة أعدادا منهم، وبالطبع لا يحتاج الأمر لعبقرية شديدة لكي نعرف أن إسرائيل لن تسمح بعودة حفنه ضئيلة من هولاء الملايين ، والباقي ستدفع له أمريكا وإسرائيل تعويضات هزيلة ، وسيعملان على جمع الأموال لتنفيذ مشاريع توطين واسعة خارج فلسطين . ولكن أين يمكن توطين حوالي 4 مليون لاجىء فلسطيني ؟!فدول الطوق العربية لن ترضى بتوطينهم ، وقد أعلنت الأنظمة العربية ذلك مرارا ، أما الدول الغربية التي عرضت المشاركة في التوطين – مثل كندا وأستراليا- ستستوعب أعدادا لن تصل بأي حال من الأحوال إلى 4 مليون لاجىء.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.