أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » هكذا عشنا.. مقال بقلم عبير عزيم

هكذا عشنا.. مقال بقلم عبير عزيم

[ هكذا عشنا نحن الأطفال فاجعة ريان ]

● لم نكتب إلى ريان وهو داخل الجب، لأننا كنا على يقين بأنه لن يسمعنا.

لم نكتب له لأن العبارات أبت أن نكتبها، والقاموس رفض أن يعطينا بعضا من كلماته، وأناملنا الصغيرة لم تستطع معانقة القلم لتخط له رسائلنا، وهذه القريحة التي تسكننا انعقد لسانها عن الكلام فجاة دون سابق إنذار.

● في ذات مساء، تسلل إلى مسامعنا خبر فاجعة ريان، جلسنا معكم نشاهد تلك المشاهد، ذرفت عيوننا دموعا كانت أكثر غزارة من تلك التي ذرفت عيونكم، اقتحم الحزن قلوبنا الصغيرة، واستحوذ الألم على أحاسيسنا المرهفة، وسيطرت الأفكار السلبية على مخيلاتنا.

صارت البئر شبحا مخيفا، والظلام عدوا مرعبا.

رأيناهم يهدمون الجبل من أجل ريان، فكان فخرنا بين أطفال الأوطان، مغرب فذ عنفوان، ومواطنون شجعان.

سمعناكم تقولون 🙁 ريان حي يرزق)، ريان هاهنا تحدى أطنان الرمال فتشبثت قلوبنا بريان، وانتظرنا الساعات لخروجه، فكانت تؤنسنا حينها تلك البسمة التي رسمت على محياه، وكان عزاؤنا تلك الرسمة التي جادت بها ريشة ذاك الفنان، انتظرناه طويلا كي نقدم له عرائس السكر وباقات الورد من نرجس وأقحوان، لكن بصيص الأمل الذي استقر في قلوبنا انطفأ لتتقد بدلا عنه شموع أحرقتنا ورفضت الذوبان، فكان ماكان، مات ريان والتراب من فوقه أطنان.

ليتكم ما أخبرتمونا أن ريان تشبث بالحياة، كانت الصدمة صدمة فصارت صدمتين.

أيها الكبار :

نحن أطفال العالم نخاف من الظلام، لكن الظلام بسط رواقه على ريان في قعر الجب، فكانت رسالته أن أنقذوا الطفولة من اللامبالاة والظلم.

قد نجوع أكثر منكم، ونحس بالعطش أشد منكم، ولا نطيق الصبر على ذلك، ريان عانى من العطش والجوع، ليقول لكم سدوا رمق الجائعين، وبللوا حناجر العطشى.

أجسامنا الصغيرة لا تستطيع تحمل البرد القارس، لكن ريان تحمل زمهريره في جوف الأرض، ليقول لكم ارحموا الضعفاء والمساكين.

قد لا نتحمل الوجع مهما كان بسيطا، ونسرع إليكم لتضمدوا الجرح مهما كان صغيرا، لكن ريان كان ينزف دما ليقول لكم أوقفوا النزيف.

قد لا نطيق الابتعاد عن آبائنا وأمهاتنا ولو للحظات قصيرة، لكن ريان عاش يتيما وحيدا خمسة أيام ليقول لكم: رحمة باليتامى،

ملحمة عشناها إلى جانبكم أيها الكبار، فهل يا ترى فهمتم تلك الرسائل المنبعثة من عمق الأرض كما فهمناها نحن الأطفال؟!

ريان كان يصرخ بصوت عال من باطن الأرض مرددا:

تلاحموا ! تعاونوا ! أنقذوا الطفولة!

فهل يا ترى ستطبقون رسالة ريان لأننا اليوم نصرخ ونردد بصوت ريان:

أنقذوا الطفولة!

فالجوع والبرد والظلم والظلام هواجس خيمت على أجسامنا وأرواحنا، وصارت تلاحقنا وتخنق أنفاسنا، وفي أي لحظة ستقتلنا، نرجوكم نرجوكم أنقذوا الطفولة.

عبيرعزيم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.