أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » أيها العمر المسافر..مقال بقلم محمود محمد زيتون

أيها العمر المسافر..مقال بقلم محمود محمد زيتون

•• أيها العمر المسافر.. تمهل !
•مقال
مضى بنا عام في قطار ينهب الأحلام، ويغتال الآمال، ويطوي الأفراح طيٱ.!
كلنا على عجلات العمر في سفر . من عالم نشهده إلى عالم يشهد علينا.!
وعمرنا ينطلق كالرصاصة ، لا يتمهل، ولا يتوقف، حتى يلملم أحلامنا الملقاة على أرصفة الزمن.!
ونحن في دنيا رخيصة تلهو بنا وتلعب ، ولا نتوقف لحظة لنتأمل أحوالنا ، ونحاسب نفوسنا التي أعمتها الأثرة وغشيتها الكراهية، واستبدت بها نزعات الهوى، ودركات الحقد والتشفي في محن الآخرين، وفي النيل من نفوس تمتحن بالبلوى وتمحص بخذلان البشر وتعاقب الأقدار.!
وكلنا يومٱ سنلقى من المحن والخطوب ما تنوء به الجبال. وكم كان «ذو الإصبع العدواني» صادقٱ، حاسمٱ ، حين قال:
إذا ما الدهر جر على أناس
كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
كذاك الدهر دولته سجال
تكر صروفه حينٱ فحينا
ومن يغرر بريب الدهر يومٱ
يجد ريب الزمان له خؤونا
فهذه دنيا ككرة النار لا تهدأ ولا ترحم ، متقلبة كأنها غانية بين أحضان شياطين الإنس، ولله در «أبو البقاء الرندي » حين قال واصفٱ ذلك في مرثية الأندلس:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
وهذه اللحظات التي نودع فيها عامٱ كان متشحٱ بالسواد، مفعمٱ بالأحزان،ومازالت دموعنا تنزف من القلوب والعيون لأحباء لنا رحلوا وهم في ريعان الشباب وزهرة العمر.أفلا يكون الموت خير واعظ لنا ؛ لننضو عن نفوسنا وقلوبنا وعقولنا حلل الكراهية والشماتة،ونمد أيادينا ندية بالمحبة والوفاء لكل من كان سخيٱ في عطائه، سمحٱ في بذله وجوده، ونمسح عن جبينه كآبة الخذلان، ونقول له:
« قم أيها الفارس، هذا جوادك لم يزل ملء السمع والأبصار.!».
وحساب النفس أمر ضروري ونحن نستقبل عامنا الجديد.
والأصل في ذلك قول الله تعالى:
«ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد. واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون ».
والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يعلمنا ذلك، فيقول:
«الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت.والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني».
ومن أجمل ما قرأت أن أحد التابعين بلغ من العمر ستين عامٱ ، فأخذ يحاسب نفسه ويحسب أيام عمره، فإذا هي
( ٠ ٠ ٥ ١ ٢ يوم ).. فصرخ وقال : ياويلتي.. لو عصيت الله في اليوم بذنب واحد.. أألقى الله بواحد وعشرين ألف ذنب.؟
أصدقائي وأحبائي..
ما أحوجنا في عامنا الجديد إلى فضاء إنساني يجمعنا بقيم التسامح والسلام وحب الخير لبني الإنسان.
محمود محمد زيتون
كاتب تربوي وإعلامي مصري

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.